فصل: ذِكْرُ تَكْبِيرِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.كَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُمَا كَانَا يُكَبِّرَانِ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَقُولَانِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
2207- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ: كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ فِي الْعَصْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
2208- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
2209- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ عَرَفَةَ صَلَاةَ الْفَجْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَسُفْيَانُ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
2210- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكَّارٍ هُوَ الْحَكَمُ بْنُ فَرُّوخَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
2211- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنِ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَا: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ.

.ذِكْرُ تَكْبِيرِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُكَبِّرُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ.
2212- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُكَبِّرْ.
2213- وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرِيرِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالنُّعْمَانِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ.

.ذِكْرُ تَكْبِيرِ النِّسَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَكْبِيرِ النِّسَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ تَكْبِيرٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ، وَاسْتَحْسَنَ أَحْمَدُ قَوْلَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: وَلَيْسَ عَلَى جَمَاعَاتِ النِّسَاءِ إِذَا صَلَّيْنَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ رَجُلٌ يُكَبِّرُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُكَبِّرُ النِّسَاءُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يُحِبُّ لِلنِّسَاءِ أَنْ يُكَبِّرْنَ دُبُرَ الصَّلَاةِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَالْحَاضِرِ، وَالْبَادِي، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ الثَّوْرِيُّ.

.ذِكْرُ تَكْبِيرِ الْمُسَافِرِ:

رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَالْحَاضِرِ، وَالْبَادِي، وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يُكَبِّرَ الْمُسَافِرُ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ.
وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ تَكْبِيرٌ.

.التَّكْبِيرُ فِي دُبُرِ النَّوَافِلِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ فِي دُبُرِ النَّوَافِلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُكَبِّرُ مَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فِي جَمَاعَةٍ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يُكَبِّرَ خَلْفَ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي كُلِّ نَافِلَةٍ وَفَرِيضَةٍ.

.ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِلْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَبِّرُ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي ثُمَّ يُكَبِّرُ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ وَيَقْضِي، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنْ يُكَبِّرَ، ثُمَّ يَقْضِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُهَا.

.ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَنْسَى التَّكْبِيرَ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ:

كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يُكَبِّرِ الْإِمَامُ فَلْيُكَبِّرْ مَنْ وَرَاءَهُ، كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ كَبَّرَ مَاشِيًا كَمَا هُوَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ كَبَّرَ وَكَبَّرَ مَنْ مَعَهُ. كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ فِيمَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ: يَسْجُدُهُمَا ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يَبْدَأُ بِالسَّهْوِ ثُمَّ التَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّلْبِيَةِ يَعْنِي الْمُحْرِمَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ السَّهْوُ وَالتَّكْبِيرُ بَدَأَ بِالسَّهْوِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمُحْرِمِ يَوْمَ عَرَفَةَ: يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّلْبِيَةِ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَ أَوْجَبَهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ». فَعَمَّ بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةِ الْجَمِيعَ لَمْ يَخُصَّ أَحَدًا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْمُنْفَرِدَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ جَمَاعَةً، وَمَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، بَلْ هُوَ عَامٌّ لِلْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْمُقِيمِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَفِي النَّوَافِلِ، وَمُنْفَرِدِينَ وَمُجْتَمِعِينَ، رِجَالًا وَنِسَاءً، دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، أَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ.

.كتاب الِاسْتِسْقَاء:

.ذِكْرُ سُؤَالِ النَّاسِ إِمَامًا أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ إِذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَقَحَطَ الْمَطَرُ:

قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ} [الأعراف: 160] الْآيَةَ وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] الْآيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ: قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا.
2214- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُول اللهِ قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، قَالَ: فَدَعَا فَمُطِرْنَا فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ: ادْعُوا اللهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَنْقَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَيُمْطَرُونَ وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ.
2215- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا دَعَا؟ قَالَ: قِيلَ لَهُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَحَطَ الْمَطَرُ وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، وَهَلَكَ الْمَالُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ سَحَابَةٌ فَاسْتَسْقَى، فَمَا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ حَتَّى أَنَّ الشَّابَّ الْقَرِيبَ الدَّارِ لَهَمَّهُ الرُّجُوعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَامَتْ جُمُعَةً، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا قَالُوا: يَا رَسُول اللهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَاحْتَبَسَ الرُّكْبَانُ، وَهَلَكَ الْمَالُ فَتَبَسَّمَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَكُشِفَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَوَصَفَ لَنَا يَزِيدُ بَسْطَ يَدَيْهِ.

.ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ:

رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يَخْرُجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، شَهْرَ كَذَا وَكَذَا يَسْتَسْقُوا، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ أَبْوَاكُمْ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ نُوحٌ: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمَنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ يُونُسُ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] الْآيَةَ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إِذَا أَرَادُوا الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ صِيَامًا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، قَالَ: وَأَوْلَى مَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى أَدَاءِ مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ مَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ عَرَضٍ، ثُمَّ صَلُحُ الْمُشَاجِرُ وَالْمُهَاجِرُ، ثُمَّ يَتَطَوَّعُونَ بِصَدَقَةٍ، وَصَلَاةٍ، وَذِكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْبِرِّ.

.ذِكْرُ التَّوَاضُعِ وَالتَّبَذُّلِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّخَشُّعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ:

2216- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: مَنْ أَرْسَلَكَ؟ قُلْتُ: فُلَانٌ، قَالَ: وَمَا مَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَنِي؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَرِّعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَوَاضِعًا، فَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ، وَدَعَا وَصَلِّي كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى.
2217- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَقُولُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى.